قصة حدثت سنة ١٩٩٤م
انت في الصفحة 2 من صفحتين
استحييت من كرمه وخيره لكني استجبت له.. ومكثت في ضيافته سبعة ليال وكانت زوجته تخدم ابنتي وكان هو وأولاده يترفقون بي وبابنتي ويعاملونني بمنتهى الرقة واللطف والأدب...
وفي الليلة السابعة لما وضعوا الطعام على المائدة وتحلقوا للعشاء امتنعت عن الطعام وبقيت صامتا لا أتكلم قال لي الرجل كل يا عم.. كل.. ما ألم بك..! قلت وبصوت مرتفع ونبرة حادة والله لن أذوق لكم طعاما إلا إذا أخبرتموني من أنتم.. ومن تكونون..
قال يا عم كل.. هيا كل وبعد العشاء أخبرك.. قلت والله لن تدخل فمي لقمة واحدة ولن آكل طعامك إن لم تخبرني من أنت ومن تكون
حاول الرجل التهرب من الجواب لكنه وأمام إصراري.. أطرق برأسه قليلا.. ثم قال بنبرة خاڤتة يا عم إن كنت تذكر.. فأنا ذاك الطفل الذي أعطيته خمسة دنانير سنة 1964 عندما كنت أجلس خلفك في الحافلة أنا ابن فلان ابن فلان..
وعلى
الفور.. أخرجت من جيبي خمسة دنانير وناولتها للصبي وقلت له خذ هذه الدنانير والمبلغ آنذاك يفي لشراء الأدوات المدرسية كلها..
رفض الصبي أخذ الدنانير فقلت له ولماذا يا ولدي..! قال ربما يظن أبي أني سرقتها قلت قل له فلان بن فلان أعطاني إياها لشراء الأدوات المدرسية فإن أباك يعرفني تمام المعرفة..
ونسيت من يومها هذا الموقف مع ذاك الصبي..
قال الرجل فأنا يا عم ذاك الصبي.. ولولا تلك الدنانير الزهيدة لما أصبحت اليوم بروفيسورا في أكبر مستشفى بالجزائر..
وها قد التقينا بعد أن من الله علي بأعلى المراتب في أنبل وأشرف المهن.. فقد افترقنا سنة 1964 وها نحن نلتقي سنة 1994 بعد 30 سنة بالتمام والكمال..!!
يا عم الدنانير الخمسة التي أعطيتها لي صنعت مني بروفيسورا في الطب..
يا عم والله لو أعطاني أحد كنوز الدنيا لما فرحت بها الآن كفرحي يومها بتلك الدنانير الزهيدة..
يا عم أفضالك علي كبيرة.. والله مهما فعلت فلن أرد لك الجميل..
فأسأل الله أن يجازيك خير الجزاء..
فأكثروا إخواني من فعل الخير ومساعدة الآخرين والصدقة ولو بالقليل ففيها من البركة والخير الكثير في الدنيا والأجر الكبير في الآخرة