أول ابنائي
وجدت لسالم مكانا في الصف الأول.. استمعنا لخطبة الجمعة معا وصلى بجانبي.. بل في الحقيقة أنا صليت بجانبه.. بعد انتهاء الصلاة طلب مني سالم مصحفا.. استغربت !!
كيف سيقرأ وهو أعمى كدت أن أتجاهل طلبه.. لكني جاملته خوفا من چرح مشاعره.. ناولته المصحف.. طلب مني أن أفتح المصحف على سورة الكهف.. أخذت أقلب الصفحات تارة.. وأنظر في الفهرس تارة.. حتى وجدتها.. أخذ مني المصحف..
لم أستطع الاحتمال.. فبدأت أبكي كالأطفال.. كان بعض الناس لا يزال في المسجد يصلي السنة.. خجلت منهم.. فحاولت أن أكتم بكائي.. تحول البكاء إلى نشيج وشهيق.. لم أشعر إلا بيد صغيرة تتلمس وجهي..
لكن قلقها تحول إلى دموع حين علمت أني صليت الجمعة مع سالم..
وأصبحت لي رفقة خيرة عرفتها في المسجد.. ذقت طعم الإيمان معهم.. عرفت منهم أشياء ألهتني عنها الدنيا.. لم أفوت حلقة ذكر أو صلاة الوتر..
اختفت نظرات الخۏف والشفقة التي كانت تطل من عيون زوجتي.. الابتسامة ما عادت تفارق وجه ابني سالم.. من يراه يظنه ملك الدنيا وما فيها.. حمدت الله كثيرا على نعمه..
ترددت في الذهاب.. استخرت الله.. واستشرت زوجتي.. توقعت أنها سترفض.. لكن حدث العكس ! فرحت كثيرا.. بل شجعتني..فلقد كانت تراني في السابق أسافر دون استشارتها فسقا وفجورا.. توجهت إلى سالم.. أخبرته أني مسافر.. ضمني بذراعيه الصغيرين مودعا..
تمنيت سماع صوته.. هو الوحيد الذي لم يحدثني منذ سافرت.. إما أن يكون في المدرسة أو المسجد ساعة اتصالي بهم.. كلما حدثت زوجتي عن شوقي إليه.. كانت تضحك فرحا وبشرا.. إلا آخر مرة هاتفتها فيها.. لم أسمع ضحكتها المتوقعة.. تغير صوتها..
قلت لها أبلغي سلامي لسالم.. فقالت إن شاء الله.. وسكتت.. أخيرا عدت إلى المنزل.. طرقت