حكاية جاسر كاملة
عندما رآها فجأة نظر لها نظرة حادة وقال بعصبية
تعالى هنا يا هانم في ملف ضايع وحضرتك لسه واصله
قال الموظف الأول يافندم حضرتك مضيت الملف ده أمبارح.
قال الاخر وقلت حضرتك هتبعته للحاج إبراهيم يمضيه ويراجعه
قال في عصبية أتفضلوا انتوا دلوقتى
ثم استدار لها وهي تقول ملف أيه بس وأحنا ندور عليه
هتف يوسف بعصبية لسه بتسألى. الملف اللى أخدتيه امبارح قبل ما نمشى وقلتى هتبعتيه للحاج إبراهيم
أنفعل أكثر قائلا الملف ضاع وأنت لسه هتفكرى. أكيد نسيتى تبعتيه اتفضلى يالا دورى عليه في مكتبك وفي الدولاب. أقلبى الدنيامش عليه
خرجت مريم في اضطراب شديد تبحث بتوتر وسرعة لم تجد شيئا ولا تذكر أيضا شكل الملف خرج إليها بعد دقائق وهو مازال يهتف بصوته الجهورى
حاولت مريم أن تركز تفكيرها لعلها تتذكر أين هو ولكنه لم يعطيها فرصة صوته العالى أربكها جدا وشتت تفكيرها ظلت تبحث أكثر من نصف ساعة وهو واقف ينظر إليها ويشتت تفكيرها بصوته ويربكها حتى جلست خلف مكتبها وهي تتنفس بصعوبة ولفت يدها إلى ظهرها وهي تقول پألم
قال يوسف بانفعال يعنى أيه مش قادرة. قومى دورى تانى.
كادت مريم أن تبكى وهي تقول خلاص مش قادره ضهرى ھيموتنى. مش هدور تانى وأعمل اللى تعمله يارب حتى ترفدنى
تركها ودخل مكتبه ثم عاد بعد لحظة وفي يده الملف الضائع وقف أمامها وقال مبتسما
الملف أهو.
ثم وضعه أمامها وقال بانتصار فاكره المج اللى وقع أتكسر لوحده...
الكلام طب عن أذنك أنا بقى لحد ما ضهرك يرتاح ثم أطلق ضحكات عالية مستفزة وعاد يستدير إليها وهي تنظر له بدهشة وحنق وقال
متلعبيش مع الأسد تانى يا قطة. أتفقنا...
وأنصرف لمكتبه وصدى ضحكاته المنتصرة يدوى في أذنها بصخب نظرت إلى المكان الذي كان يقف فيه بذهول ثم ضړبت المكتب بقدمها في غيظ شديد فآلمتها قدمها فجلست تبكى وهي تشعر بالضيق والحنق
systemcode ad autoadsوالله لوريك يا يوسف. والله لوريك
قالت كلمتها الأخيرة واجهشت في البكاء كالأطفال.
عادت إيمان من عملها وقت الظهيرة وعبرت الحديقة بخطوات واسعة وقبل أن تصل للداخل لفت نظرها وجود عبد الرحمن في ركن بعيد نسبيا يقف أمام حوض معين من أحواض الزهور كان يحبه ويرويه دائما بنفسه تعجبت إيمان فهى لم تعتاد على وجود عبد الرحمن في البيت في مثل هذا الوقت فمن المفترض أن يكون في العمل وقفت متأملة للحوض الذي يتأمله كان أجمل حوض للزهور في الحديقة كلها وكان يحوى زهرة بيضاء ملفتة للأنتباه ومميزة جدا عن بقية الزهور كان عبد الرحمن يقف أمام تلك الزهرة الرائعة نعم هذه الزهرة كانت هند معجبة بها وهمت أن تقطفها ولكنه طلب منها أن تتركها على أن يسميها باسمها وبالفعل كان يسمى تلك الزهرة هند.
قالت له بتعجب ليه حرام عليك. عاوز تدوسها ليه
هتف عبد الرحمن في عصبية بقولك أرميها.
فتحت حقيبتها في سرعة ووضعتها بداخلها وقالت له بتحدى مش هرميها. لو أنت مش عاوزها أنا عاوزاها
تطايرت شرارات الڠضب من عينيه وصړخ في وجهها وأنت مالك أنت. بتدخلى في اللى ملكيش فيه ليه. عاوزها ولا مش عاوزها يخصك أيه أنت. لما أقولك أرميها تسمعى الكلام وأنت ساكتة فاهمه ولا لاء. أياكى تدخلى في حاجة تخصنى تانى ولا حتى تقفى في مكان أنا فيه.
كانت نظراته حادة جدا والڠضب يطل من عينيه فعلمت أنه ليس في حالته الطبيعية وتراجعت
للخلف خوفا من أى تطاول من الممكن أن يحدث ثم استدارت وخطت خطوات سريعة أقرب إلى الجرى للداخل لم تنتظر المصعد ولم تفكر به وصعدت الدرج في سرعة ومنه إلى شقتها و دخلت غرفتها وألقت نفسها على الفراش وظلت تبكى وقلبها يخفق بشدة.
كانت أول مرة في حياتها تستشعر الخۏف من أحد وتتراجع أمامه خوفا من بطشه. شعرت بمهانة كبيرة وبأنها شخص غير مرغوب فيه وأنها في بيت غريب عنها من السهل أن تطرد منه في أى وقت نهضت وكفكفت دموعها وجمعت ملابسها في حقيبة صغيرة هبطت إلى الأسفل وخرجت للخارج في سرعة دون أن يلاحظها أحد وعادت من حيث أتت.
ظلت أم عبد الرحمن تطرق الباب ولكن لم يستجيب لها أحد قلقت بشدة وعادت إلى شقتها ووقفت تفكر في حيرة ألتقطت الهاتف وحاولت الأتصال بإيمان عدة مرات ولكنها لم تلقى أى أجابة زاد قلقها وتحدثت إلى زوجها هاتفيا وأخبرته بقلقها على إيمان وأنها لا تستجيب لطرقاتها فطلب منها أن تدخل لعبد الرحمن ليحاول فتح باب الشقة لعلها حدث لها شىء في الداخل وهي بمفردها.
ذهبت إليه مسرعة وطلبت منه ذلك حاول عبد الرحمن أن يتملص من أمه فهو لا يريد ان يحتك بها بعد ما فعله معها ولكن أمه أصرت فصعد معها وطرق الباب عدة مرات دون فائدة ثم اضطروا في النهاية إلى فتح الباب عنوة وقف في الخارج ودخلت هي تبحث عن إيمان فلم تجدها دخلت غرفة نومها فوجدت خزانة ملابسها خاوية فخرجت في سرعة وهي تهتف به
إيمان خدت هدومها ومشيت يا عبد الرحمن. ياترى أيه اللى حصل خلاها تعمل كده.
طأطأ رأسه أرضا بأسف وقال بخفوت أنا السبب
قص عليها ما حدث بينهما في الحديقة فنظرت له مؤنبة وقالت ليه كده يا عبد الرحمن. ملقتش غير إيمان وتعمل معاها كده. دى أمانة عندنا يابنى حرام عليك
قال بارتباك وإحساس بالذنب أهو اللى حصل بقى. أعصابى فلتت مني ڠصب عنى مكنش قصدى.
هاتفت زوجها مرة أخرى وأخبرته بما حدث فثار في ڠضب وتوقع أن تكون عادت إلى شقتهم في السيدة زينب خرج من مكتبه دون أن يخبر أحدا وتوجه إليها.
فتحت الباب فوجدته أمامها. أخذها بين ذراعيه فبكت. ربت على ظهرها في حنان وجلس بجوارها وقال
حقك عليا يابنتى متزعليش
قالت وهي تبكى لا يا عمى أنت مغلطش فيا بالعكس أنت كان نفسك تلمنا حواليك لكن أظاهر أن أحنا مش مرغوب فينا.
قال مشفقا لا يا إيمان متقوليش كده. ده انتوا عندى أحسن من عيالى. ده البيت ده ليكوا قبل ما يبقى لولادى يا بنتى
قالت بصوت باكى معلش يا عمى أنا مش هقدر أرجع هناك تانى. أنا أقعد في جحر
بس بكرامتى
عقد حاجبيه وزاد سخطه على ولده وقال بانفعال وكرامتك متصانة يابنتى وأنا هجبهولك لحد عندك يعتذرلك واعملى فيه اللى أنت عاوزاه.
حركت رأسها نفيا وقالت
مش عاوزه حد يعتذرلى. معلش يا عمى سبنى هنا كام يوم أريح أعصابى وبعدين نبقى نتكلم
حاول ترضيتها قائلا حتى لو أنا أتأسفتلك يابنتى بالنيابة عنه.
قالت إيمان بحرج بالغ لا يا عمى أرجوك متعملش كده وبعد أذنك متقولش حاجة لإيهاب. حضرتك عارف أنه حمقى وممكن يكبر الموضوع. أنا هقوله أن المشوار من المدرسة للبيت عند حضرتك متعب شوية خصوصا أننا عندنا أمتحانات شهر وبنروح بدرى وبنمشى متأخر وهقوله أنى هقعد هنا لحد ما الامتحانات دى تخلص
أسند رأسه إلى راحة يده وهو يقول بضيق يعنى كمان عاوزه تقعدى لوحدك هنا.
أمسكت بيده وقالت برجاء معلش يا عمى سبنى على راحتى. وبعدين شغل إيهاب ومريم مش هيسمحلهم يخبطوا المشوار ده كل يوم لكن أنا سهله. المدرسة قريبه من هنا
حاول معها كثيرا ولكنها لم تتراجع فاضطر أن يسمح لها بالبقاء يومين لا أكثر
فى المساء ذهب إليها إيهاب ومريم كان إيهاب غير مقتنع بما تقول فنظر لها بتمعن قائلا
يا إيمان أنا مش مقتنع باللى بتقوليه ده أمتحانات شهر أيه اللى تقعدك هنا لوحدك.
حاولت أن تخفى تعابير وجهها وهي تقول معلش يا إيهاب سبنى براحتى. أنا كده هبقى مرتاحة أكتر. ولما الامتحانات تخلص هرجع تانى ان شاء الله
جلس بجوارها قائلا وفجأه كده من غير ما تقوليلى
أبتسمت أبتسامة زائفة وقالت منا قلت أهرب بقى قبل ما تمنعنى
نظر لها بعمق محاولا سبر أغوارها والله! وفكرانى هصدقك. ده أنت توأمى يا إيمان يعنى أحس بيكى من قبل ما تتكلمى.
لمعت عيناها فقاطعتهما مريم قائلة لو مصممة يبقى هنقعد معاكى ماهو مش معقول نسيبك هنا لوحدك
أبتسمت لها ايمان وقالت ياسلام بقى الست البرنسيسة هترجع تقعد هنا تانى
بادلتها مريم الأبتسامة
وقالت يالا بقى معلش كلوا بثوابه
إيمان طب والشغل يا مريم
شعرت مريم بحيرة وقالت بحزن لا أنا مش هروح الشغل ده تانى
قال إيهاب متعجبا ليه أنت كمان. حد زعلك ولا ايه.
تكلمت مريم وهي تستشعر مشاعر
متناقضة وقالت لا يا إيهاب متقلقش. انا بس حاسة أنى أهملت مذاكرتى وعاوزة أرجع أذاكر تانى وأحضر محاضراتى. متنساش أننا عندنا عملى ولسه كمان في تدريب في الصيف عليه درجات
إليه قائلا أحبك وأنت عاقلة كده.
قالت إيمان بطريقة طفولية ياسلام وأنا يعنى ماليش دى.
ضاحكا تحت ذراعه الآخر وهو يقول في حنان ربنا يخاليكوا ليا يارب أيه فيلم الحرمان اللى احنا عاملينه ده
نظرت إيمان إلى مريم وهما تحت ذراعيه نظرة ماكرة وأشارت لها مريم. واحد. اثنين. ثلاثة. وفجأه انقضوا عليه باللكمات. ظل يجرى منهما في مرح ويقفز من المقعد للمائدة وهما يلاحقانه بضحك هستيري!
دخل الحاج حسين إلى غرفة عبد الرحمن ووقف أمامه وقال في ڠضب ولاد عمك كلهم هيقعدوا هناك مع إيمان. شايف انت عملت ايه اللى أنا تعبت فيه جيت في لحظة هديته
نهض ووقف أمام أبيه في حزن شديد وقال أنا آسف يا بابا. والله ماكنت أقصد أى حاجة من اللى حصلت دى. أنا خرجت عن شعورى.
أكمل والده بانفعال متجاهلا حديثه عارف البنت قالت لاخوتها أيه. قالتلهم أنها قاعدة هناك علشان أمتحانات الشهر بتاعة مدرستها. مجابتش سيرتك خالص طلعت أحسن منك يا عبد الرحمن
جلس عبد الرحمن إلى فراشه وډفن رأسه بين كفيه في حزن عميق نظر له والده في شفقة ولان صوته قائلا .
كل ده ليه يابنى. الدنيا مبتوقفش على حد. أنت لسه في عز شبابك ولسه ياما هتشوف يابنى أنت عاقل ولازم توزن الأمور أحسن من كده. ولا زم تعرف تفرق بين الغث والثمين ووضع كفه على رأسه في حب وقال
أنا عارفك يا عبد الرحمن. أنت راجل يابنى وهتعدى أى محڼة قدامك وهتبقى أقوى من الأول مليون مرة يابنى الضړبة اللى متكسركش هتقويك. وانت عضمك ناشف. ده انت اللى هتشيل الشيلة